أحبها ، وقالت له إنها تحبه ، وكانت بينهما صلة قرابة ، ولكن بعيدة نوعا ًما ، فتزوجا ، فرزقهما
الله إبناً وبنتاً .
جاهدا في تربيتهما ، وشاءت الأقدارأن يهاجرا من لبنان إلى كندا ، هرباً من الإوضاع الشاذة غير
المستقرة هناك ، والبحث عن حياة أفضل .
كان يعمل ميكانيكيا في الوطن الأم ، وعند وصوله إلى كندا ، دخل مدرسة ميكانيك السيارات للحصول على الإجازة ، فحصل عليها بتقدير ممتاز .
عمل في البداية بإجور يومية في كراج، وبعد أن جمع المال الكافي ، فتح ورشته الخاصة ، فذاع
صيته وكثرت زبائنه ، لما كان يتمتع به من ذكاء وحسن المعاملة والأجورالمعقولة المنافسة .
إشترى بيتاً وأثثه بأثاث فاخرة ، وإشترى لزوجته سيارة جديدة ، بعد أن أدخلها إلى المدرسة كي
تتعلم الإنكليزية كلغة ثانية ، وتحصل على إجازة السياقة ، وكان معها في كل خطوة داعماً ومشجعاً
ومغدقاً عليها حبه وحنانه وهداياه الثمينة ، وكان يجلب سيارتها لغسلها من الخارج والداخل لتبقى
نظيفة وجذابة ،وبإختصار وفرّ لزوجته كل مطاليبها وما تحلم به ، ولم يكن ينظرإلى غيرها ، رغمّ
وجود المال الوفير ، ولم يخونها أبداً في حياته ، مع كل الوسامة التي كان يتمتع بها ، والجميلات
الحائمات حوله ،ومعاكسة المعجبات له هنا وهناك .
كبر الولد ودخل الإعدادية والبنت كذلك ، وكا مسروراً بعائلته الصغيرة قنوعاً بحياته المرفهة
المريحة ، وكان يثق بزوجته ثقة عمياء لا تحدّها الحدود .
وفي يوم رجع إلى البيت مبكراً ، لشعوره بالتعب ، فدخل غرفة النوم ، فرأى وردة حمراء على
فراش الزوجية ، ولما إستفهم من زوجته ما هذه الوردة الحمراء ؟ تلعثمت ثم قالت جلبها إبنك، فلم
يجب وخرج وغافلها فإتصل بإبنه ، وقال له : الوردة التي جلبتها للبيت جميلة جداً .
فقال له ابنه : عن أية وردة تتكلم يا أبي ؟ أنا لم أجلب أية وردة .
فقال له بلا ، وردة الجوري الحمراء ، فانكرالإبن ذلك .
فقال له الأب ، لا عليك ، كنت أمزح معك ، فراودته الشكوك حول زوجته ،فالوردة الحمراء رمز
الحبّ والعشق بين المحبين .
فأراد مراقبتها ، ولكنه ليس قادراً ،حيث يعمل طول النهار في الورشة ، فصارح صديق عمره
بشكوكه وطلب منه المساعدة .
إقترح عليه صديقه أن يشتري مسجلاً يربط بخط الهاتف ، يوضع مخفياً في مكان ما في البيت ،
فيسجل كل المكالمات الواردة والخارجة ، وبذلك يقطع الشك باليقين .
ففعل ذلك ، ولم يطول به المقام حتـى إكتشف بأن زوجته على علاقة غرامية مع عشيق ، وإن زوجة
نسيبه تعلم بذلك ، فكان ذلك كوقع الصاعقةعلى رأسه ، وهو غافلاً عما يجري حوله .
وأخذ يظهرلها حبه وإهتمامه ، وكأن شيئاً لم يكن، وهو يغلي من الداخل ،وهو نفسه غير مصدّق
إن زوجته تخونه ، وظلّ يستمع إلى مكالماتها من الكاسيت ، فصدق حدسه ، وتأكد بأن لها عشيقا ً
وهي هائمة به . ولكن يريد الدليل لإدانتها بالجرم المشهود .
وفي يوم عاصف والثلج يتساقط ، كانت هناك حفلة ساهرة يحييها أحدالمطربين المشهورين ، فأراد
إصطحابها إلى تلك الحفلة ، لكنها قالت له ،إذهب أنت يا حبيبي وتمتع ، وإنها تشعر بوكعة صحية ،
ولا تشعر برغبتها للذهاب .
فدبّ الشك في فكره ، فذهب ورجع بعد ساعة واحدة للبيت ، فلم يجد سيارتها أمام البيت ، فذهب
إلى دارنسيبه ، لعله يجدهاهناك ، فلم يجدها .
وكا قد سمع من بعض الأصدقاء أثناء الأحاديث العامة العابرة ، أن هناك موتيلات تؤجر غرفها
لبضع ساعات ، لمن له صديقة يريد الإستمتاع هناك .
فذهب إلى هناك فرأى سيارة زوجته واقفة أمام احدها ، فوقف في الخارج ينتظر في سيارته على
مسافة معينة ، وبعد نصف ساعة رأى شخصاً خرج بسرعة وإستقل سيارته وذهب .
وبعد قليل رأى زوجته تخرج من الموتيل ، فنزل من السيارة ليتقابلا وجهاً لوجه ، فتسمّرت في
مكانها ، فتقدّم منها وصفعها صفعة قوية ، قائلاً لها : يا عاهرة ماذا تفعلين هنا ؟
فهربت إلى سيارتها ، وإتصلت بالشرطة ،وأخبرتهم بأن زوجها إعتدى عليها بالضرب ، ورجعت
إلى البيت .
ولما رجع هو إلى البيت ،رأى الشرطة بإنتظاره ،فأخذوه عنوة إلى القسم ، وهناك أخذوا أقواله
وعرضوه على الحاكم صباحاً ، فأمره الحاكم أن لا يقترب من البيت مسافة 500م ، وإذا اراد جلب
حاجاته الشخصية ، عليه الإتصال بالشرطة لجلبها له .
فخرج من المحكمة ليذهب إلى بيت شقيقته ،والشرطةجلبت له حاجاته الشخصية .
فلما علم إبنه بالأمر ترك البيت وسكن مع والده ، أما البنت فظّلّت مع أمها .
وكّل محامياً لأمر الطلاق ، وتمّ بيع البيت ، وكل منهما أخذ حصته .
فإشترى شقة وسكن مع ولده ، وهي رحلت مع عشيقها إلى جهة مجهولة .
وتوالت الأيام ومرّت السنوات ، فرجع إلى لبنان ، ليتزوج من إمرأة ثانية ، جلبها إلى كندا ، حيث لإمرأته الأخيرة إبناً من زوجها المتوفي قريباً من عمر إبنه ، وسكن الجميع سوية في الشقة ،
إلا أنّ الرياح لم تجرِ كما إشتهى هو ، فحدثت مشاكل مع إبنها ، حيث لا يعمل ، ولا يدرس ، وينام
حتى الظهيرة ، يأكل ويشرب ويتسكع ، مع أصدقاء السوء والبارات .
فعادت مع إبنها إلى لبنان ، وبعد ثلاثة أشهر أخبرته بأنها حامل ، فحنّ عليها ، فأرسل لها بطاقة
سفرها ، فرجعت وولدت له صبياً جميلاً ، ملأ عليهما الدنيا فرحاً وحبوراً وغبطة ونشوة ، وهو
يعيش الآن ، أجمل أيام حياته ، مع زوجته وإبنه الصغيروإبنه من زوجته الأولى .
أما زوجته الأولى ،فبعد أن هربت مع عشيقها ، صرف كل نقودها على موائد القمار ،وتركها ،
وهي ، أدمنت الخمر ، وتعيش بائسة على المساعدات الحكومية في غرفة متواضعة مع إبنتها .